Total Pageviews

Saturday 9 June 2007

الخارطة السياسية بعد الانتخابات الجزائرية

الخارطة السياسية بعد الانتخابات الجزائرية
القوى الإسلامية تجاوزت التفجيرات الإرهابية

(الكاتب: فادي شامية (لبنان) وهاجر سعود (الجزائر

منذ الساعات الأولى لصباح يوم الخميس 17 ماي/أيار، بدا أن الموعد التشريعي لسادس عهدة للبرلمان لن تأتي بجديد هام في المشهد السياسي الجزائري، ومع إعلان النتائج في 19 منه، تأكدت هذه القناعة، فقد حافظت أحزاب التحالف الرئاسي الحاكم منذ العام ‏ 2004‏ (‏جبهة التحرير ـ التجمع الوطني الديمقراطي ـ حركة مجتمع السلم‏)‏ على الأغلبية المطلقة بحصولها على ‏249‏ مقعداً من أصل ‏389‏ هو عدد الإجمالي لمقاعد البرلمان، وذلك في الانتخابات التشريعية التي شارك فيها قرابة ‏12000مرشح يمثلون‏24‏ حزباً سياسياً وعدة قوائم للمستقلين‏.

"مجتمع السلم" تجاوز قطوع الإرهاب
غداة وقوع التفجيرات الإرهابية في 11 إبريل/نيسان الماضي في العاصمة الجزائرية، انطلقت حملة استغلال سياسي للأحداث، قادتها بعض القوى العلمانية، بهدف ضرب التيار الإسلامي انتخابياً، بالتزامن مع صدور أصوات مشككة بالقدرة التمثيلية لـ "حركة مجتمع السلم" (حمس)، ذات الجذور الإخوانية، على اعتبار أنها صنيعة القوى الحاكمة، كبديل عن "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، كما ردد هؤلاء باستمرار، لكن نتائج الانتخابات التشريعية كذّبتهم، فقد أظهرت النتائج تقدم الحركة بـ 14 مقعداً جديداً، ليصبح رصيدها في البرلمان الجديد 52 نائباً، رغم أن شريكيها في التحالف الرئاسي الحاكم قد تراجعا، إذ فقدت جبهة التحرير الوطني63 مقعداً بالمقارنة مع الولاية السابقة التي نالت فيها 199 مقعداً، بينما لم تنل في البرلمان الجديد إلا على ‏136‏ مقعداً، كما نال التجمع الوطني الديمقراطي، الذي كان يتوقع المراقبون صعوده، على ‏ 61‏ مقعداً فقط. وبذلك تمكنت الحركة الإسلامية ممثلة بـ "حركة مجتمع السلم" من إثبات قدرتها التمثيلية، وثقة الناخب الجزائري بها، رغم الاتهامات التي حاول البعض رميها بها على خلفية الأحداث الإرهابية.

وإذا كانت "حركة مجتمع السلم" قد عززت من مكانتها في هذه الانتخابات، فإن نكبة التنازع والانشقاق قد حلت بـ"حزب الإصلاح" الإسلامي، الذي نال 3‏ مقاعد‏ فقط، بعدما فاز بـ 43 مقعداً في الانتخابات السابقة، وذلك بعدما أعطت وزارة الداخلية حق الترشح باسم الحركة للمنشقين عن رئيسها الشيخ جاب الله، وحالت بينه وبين تشكيل حزب جديد. بدورها عادت "حركة النهضة" إلى الواجهة بفوزها بخمسة مقاعد، بعدما كان رصيدها مقعداً واحداً في البرلمان السابق.

يأس وتنازع وفشل
اللافت في تشريعيات 2007 نسبة المشاركة الضئيلة، إذ لم تتجاوز نسبة 37% من أصل‏19‏ مليون ناخب كان يحق لهم التصويت، في بلغت في تشريعيات العام 2002 نسبة 46‏%، إضافة إلى ذلك فقد سُجلت ظاهرة لافتة للانتباه، إذ صوّت نحو مليون جزائري (961 ألفاً) بورقة بيضاء!.
لا شك أن النسبة المتدنية للمشاركة تعكس يأس الناخب الجزائري من التغيير، وخوفه من تغيير إرادته بالتزوير. ومن وجهة نظر وزير الداخلية الجزائري، تعكس هذه النسبة الهوة بين الناخب والنائب، إذ "لم تعد (الانتخابات) تمثل شيئاً بالنسبة لطموحات ملايين الجزائريين الذين يحسون أنفسهم معنيين أكثر في الانتخابات الرئاسية أو في الانتخابات المحلية التي ينتخبون فيها رؤساء بلدياتهم التي تعنى مباشرة بقضاياهم وانشغالاتهم اليومية".

هذه الهوة بين الناخب والنائب كانت قد عكستها الحياة السياسية خلال الأعوام الخمسة السابقة، فضلاً عن رؤية الناخب الجزائري لمشهد التنازع في الأحزاب على المناصب والمصالح، وهو أمر أثّر في أحجام الأحزاب الكبرى لصالح بعض القوائم والأحزاب الصغيرة، إذ حصلت القوائم المستقلة على ‏33‏ مقعداً، بينما حصل "حزب العمال" برئاسة لويزة حنون على ‏26‏ مقعداً، وحصل حزب "الشبيبة الديمقراطية" على ‏5‏ مقاعد، وعاد "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية" الذي قاطع الإنتخابات السابقة إلى البرلمان بـ 19 مقعداً وهو عدد المقاعد نفسه الذي حصل عليه في انتخابات 1997.

خطوات مطلوبة
تحتاج "الديمقراطية" الناشئة في الجزائر إلى تحصين بلا أدنى شك، فما زال الناخب الجزائري يشعر بأن صوته لا قيمة له، وشكه بصدقية هذه العملية ما زال قوياً، وهذا المؤشر الخطر صدّقته الانتخابات الأخيرة، الأمر الذي يتطلب من التحالف الحاكم أقصى درجات العناية، كي لا تترك ثغرة جديدة لمروجي الفكر الإرهابي.

لقد تحدثت أحزاب المعارضة عن عمليات تزوير شابت العملية الانتخابية، والمتابع للشأن الجزائري يدرك إمكانية حصول ذلك، لكن ما يدركه المتابعون أيضاً أنه لا يحق لمن دعا إلى المقاطعة أن يدعي أن حجمه التمثيلي 63%، هي نسبة المقاطعين، فالناس لم تقاطع لأن "جبهة القوى الإشتراكية" بقيادة زعيمها الحسين آيت أحمد قد دعت إلى ذلك، ولم تقاطع استجابة لدعوة الزعيم السابق لحركة الإصلاح عبد الله جاب الله، ولا قناعة بما دعت إليه "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" (قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي)، وإنما قاطعت لأنها اكتشفت أن اللغة التي يتكلم بها السياسيون في الجزائر لا تشبه كلامهم.

No comments: