Total Pageviews

Saturday 16 April 2011

مالم يقله الرئيس

مالم‮ ‬يقله‮ ‬الرئيس؟

منافقون و''شياتون'' ومتزلفون، من يقولون إن خطاب الرئيس استجاب لكل انشغالات الجزائريين، وأجاب عن كل مخاوفهم من المستقبل.. ومتحاملون و''كيديّون'' من يقولون إن الرئيس التف حول مطالب الشعب، وتكلم أكثر من 81دقيقة، دون أن يقول شيئا ذا قيمة..

  • والحقيقة أن الرئيس تكلم بقلب مفتوح مع شعبه، فأصاب في الوصول إلى بعض انشغالاتهم، وأخفق في ملامسة الكثير من اهتمامات ومشاكل الجزائريين اليومية، التي تعبر عنها الاحتجاجات القطاعية في أكثر من قطاع حيوي، وكنا نتمنى أن يستجمع الرئيس المعطيات الكافية التي تجعله يداوي جراح الجزائريين، بكلمات قليلة ودقيقة وقابلة للتنفيذ في آجال محددة، لكن الذي حصل، أن الرئيس استفاض في الكلام عن كل شيء، فبدا للبعض كأنه لم يقل شيئا، وبدا لآخرين كأنه قدم الوصفة السحرية لحل كل مشاكل البلاد..
  • نعم.. تشكل ''حزمة'' الإصلاحات المعلنة خارطة طريق لتحقيق تعددية نزيهة في القريب العاجل، شريطة تحديد الآجال الزمنية لكل القرارات والإجراءات المعلنة، لكن الخطاب تجاوز وقفز على العديد من الأولويات التي تشغل بال الرأي العام، وتؤرق نوم الأغلبية الساحقة من الجزائريين‮..‬
  • كنا نتمنى قبل حديث الرئيس عن الإصلاحات السياسية ـ على أهميتها ـ أن ينظف الساحة السياسية من المؤسسات الميتة ''إكلينيكيا''، والتي من شأنها عرقلة الإصلاحات بدل إنجاحها، فحديث الشارع لا يتوقف عن حكومة فاشلة ووزراء مفلسين وبرلمان ميت ''بفعل فاعل''، ومن غير المقبول‮ ‬أن‮ ‬يتقبل‮ ‬أحد‮ ‬الحديث‮ ‬عن‮ ‬أية‮ ‬إصلاحات،‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬بقاء‮ ‬مؤسسات‮ ‬مترهلة‮ ‬غير‮ ‬قادرة‮ ‬على‮ ‬استيعاب‮ ‬مشاكل‮ ‬الناس،‮ ‬فما‮ ‬بالك‮ ‬بالقدرة‮ ‬على‮ ‬تجسيد‮ ‬الإصلاحات‮ ‬المعلنة؟
  • من‮ ‬غير‮ ‬المعقول‮ ‬ألا‮ ‬يتحدث‮ ‬الرئيس‮ ‬عن‮ ‬الاحتجاجات‮ ‬اليومية‮ ‬التي‮ ‬تكاد‮ ‬تخنق‮ ‬العاصمة،‮ ‬وتحولها‮ ‬إلى‮ ‬حلبة‮ ‬حقيقية‮ ‬بين‮ ‬مختلف‮ ‬فئات‮ ‬الشعب‮ ‬المحتجين،‮ ‬وأبناء‮ ‬الشعب‮ ‬من‮ ‬قوات‮ ‬مكافحة‮ ‬الشغب‮.‬
  • والذي يسير في الأسواق والشوارع، لا يسمع أي حديث للناس عن الدستور أو قوانين الانتخابات والاحزاب على أهميتها، بل الحديث ـ كل الحديث ـ عن شلة من الوزراء الفاشلين، الذين لا يفهم الشعب السر في عدم تغييرهم، والاحتجاجات تمنعهم أحيانا حتى من دخول مكاتبهم، خاصة مع غياب‮ ‬ثقافة‮ ‬الاستقالة،‮ ‬في‮ ‬بلد‮ ‬جُبل‮ ‬وزراؤه‮ ‬على‮ ‬الإهانة‮ ‬و‮''‬التمرميد‮'' ‬في‮ ‬سبيل‮ ‬البقاء‮ ‬في‮ ‬المنصب‮! ‬
  • كيف يمكن أن يُعوَّل على برلمان مشلول في إعداد العدة التشريعية للبرلمانات القادمة، وهو عاجز حتى على محاسبة ومراقبة ومعاقبة الوزراء الفاشلين في تسير قطاعاتهم، ثم أليس من العبث أن يشرف هذا البرلمان الميت على استصدار حزمة الاصلاحات المعلنة؟
  • كنا نتمنى أن يتجاوب الرئيس مع اقتراحات المعارضة على ما فيها أحيانا من ''هلامية'' وتعجيز، لكل مبادرة مثل التي أطلقها مهري أو آيت أحمد كان ينبغي أن نجد فيها من التفاصيل والفواصل ما يساهم في حل الأزمة، لأن الرجلين ـ على الأقل ـ ليس لهما أي طموح سياسي في هذا السن‮ ‬المتقدم،‮ ‬والاستماع‮ ‬إليهما‮ ‬أفضل‮ ‬للوطن‮ ‬من‮ ‬الاستماع‮ ‬لمنافقين‮ ‬سياسين،‮ ‬لا‮ ‬يقولون‮ ‬للرئيس‮ ‬إلا‮ ‬ما‮ ‬يحب‮ ‬سماعه‮.‬
  • كنا نتمنى من الرئيس أن يجزل ''العطاء'' في الحريات، ويطلق سراح ''الأحزاب المعتقلة'' التي استوفت شروط الاعتماد، لكن أحدا لا يفهم بأي قانون وبأية أعراف تعطى اعتمادات الأحزاب، إذا لم يكن الاحتكام للدستور واضحا في شكله ومضمونه، وكذلك الشأن بالنسبة للاعلام السمعي البصري، الذي تخشى السلطة على نفسها من فتحه في عالم أصبح قرية واحدة، وأصبحت شبكة التواصل الاجتماعي أهم آلاف المرات من القنوات الفضائية التي يخشاها بعض المسؤولين.. كنا نتمنى أن يحدد الرئيس آجالا زمنية للاصلاحات التي أطلقها، حتى لا تفسر تفسيرا مغرضا، على أنها نوع من الوعود المؤجلة لربح الوقت.. كنا نتمنى أن يروي الرئيس عطش الجزائريين في موضوع النار المشتعلة في ليبيا، وما لها من تأثير خطير على الأمن القومي الجزائري، كنا نتمنى أن يقول الرئيس وبصوت عال إن جزائر الشهداء ترفض الحرب التي تخوضها قوات التحالف ضد المنشآت‮ ‬القاعدية‮ ‬لليبيا،‮ ‬مثلما‮ ‬ترفض‮ ‬إبادة‮ ‬المدنيين‮ ‬من‮ ‬طرف‮ ‬كتائب‮ ‬القذافي،‮ ‬ورغم‮ ‬أن‮ ‬هذه‮ ‬المواقف‮ ‬واضحة‮ ‬للعيان،‮ ‬إلا‮ ‬أنه‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬للجار‮ ‬أن‮ ‬يبقى‮ ‬صامتا،‮ ‬والنار‮ ‬تلتهم‮ ‬بيت‮ ‬جاره‮ ‬وتحرق‮ ‬فيه‮ ‬الأخضر‮ ‬واليابس‮..‬
  • لا شك أن ما قاله الرئيس وما أعلنه من إصلاحات مهم، لكن الأهم من الاعلان، هو التنفيذ في بلد متخوم بالقوانين والمشاريع والوعود، وفاقد للقدرة على تجسيد عشر معشار ما يسنه من قوانين وما يعلنه من وعود، ولذلك طبيعي أن تحتاج الاصلاحات المعلنة إلى دم جديد يسهر على تنفيذها،‮ ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬تضطر‮ ‬السلطة‮ ‬إلى‮ ‬تقديم‮ ‬تنازلات‮ ‬هي‮ ‬اليوم‮ ‬في‮ ‬غنى‮ ‬عنها‮.‬

No comments: