Total Pageviews

Saturday 16 April 2011

ليبيا‮ ‬ما‮ ‬بعد‮ ‬القذافي

ما‮ ‬لا‮ ‬يقال

ليبيا مابعد القذافي
13.04.2011

عبد العالي رزاقي

من‮ ‬يعتقد‮ ‬أن‮ ‬موقف‮ ‬السلطات‮ ‬الجزائرية‮ ‬من‮ ‬الثورة‮ ‬العربية‮ ‬في‮ ‬ليبيا‮ ‬يشرفنا‮ ‬فهو‮ ‬مخطئ،‮ ‬فالجزائر‮ ‬بشعبها‮ ‬وثورتها‮ ‬لا‮ ‬تستطيع‮ ‬أن‮ ‬تتنكر‮ ‬للشعب‮ ‬الليبي‮ ‬وما‮ ‬قدمه‮ ‬لنا‮ ‬بعد‮ ‬العدوان‮ ‬الثلاثي‮ ‬على‮ ‬مصر‮.‬

  • ومن يرهن مصير الجزائر بـ "مصير القذافي وأبنائه" إنما يريد أن يراهن على حصان خاسر، فمصير القذافي هو الرحيل عن ليبيا، وهو خيار شعبي، ومن يشكك في إرادة الشعب إنما يطيل في عمر غيره ويقصر من عمره.
  • الخاسر‮ ‬والرابح
  • من يقرأ أدبيات الثورة الجزائرية يجد أنها واجهت "أزمة تسليح بعد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 بسبب قرار خاطئ (شبيه بقرار أحمد أويحيى المتعلق برفض الاعتراف بالمجلس الوطني للثورة الليبية) وهو أن الحكومة الليبية منعت دخول السلاح عبر الحدود الشرقية (بنغازي) إلى الثورة الجزائرية وأصرّت أن يكون عبر طريق البحر، فاضطرت قيادة الثورة تكليف أحمد توفيق المدني بلقاء الملك إدريس السنوسي، ويقول توفيق المدني في مقال له نشر عام 1974 في مجلة (الأصالة)، بأنه حين التقى الملك إدريس كان في حالة عصبية جعلت الملك يهدئ من غضبه ويكتشف حقيقة القرار الخاطئ لحكومته، ويعلن في مقولته الشهيرة "إذا ما نحن خسرنا استقلال ليبيا وكسبنا استقلال الجزائر فنحن الرابحون"، وعلّق عليها الأستاذ محمد الصالح الصديق في كتابه "الشعب الليبي الشقيق في جهاد الجزائر" قائلا "يجب على كل جزائري أن ينقشها على قلبه‮".‬
  • تعتقد أطراف في السلطة الجزائرية بأن ما يحدث في ليبيا هو "مجرد أزمة" وهو اعتقاد خاطئ، فما يحدث في ليبيا هو ثورة، وما يجري في الجزائر حاليا هو أزمة ومفهومها أقتبسه من رسالة خطية بعث بها الأمير الأردني الحسن بن طلال إلى أحد أعضاء منتدى الفكر العربي بالجزائر في‮ ‬17‮ ‬‭/‬‮ ‬9‮ ‬‭/‬‮ ‬1990‮ ‬يقول‮ ‬فيها‮ ‬حرفيا‮:‬
  • "يقال إن مصطلح الأزمة في اللغة الصينية يتكون من رسمين أو شكلين متداخلين، أحدهما يفيد معنى (المشكلة الحادة) والثاني يفيد معنى (الفرصة السانحة)" وحكومة أويحيى بوقوفها إلى جانب نظام القذافي أقحمت البلاد في الأزمة، وأضاقت الخناق على الثوار في ليبيا. فماذا سيكون‮ ‬الموقف‮ ‬لو‮ ‬كان‮ ‬الرئيس‮ ‬هواري‮ ‬بومدين‮ ‬حيّا؟
  • يبدو أن للجزائر تأثيرا على الأفارقة والوفد الذي يتوسط بين القذافي والثوار يريد تمديد عمر القذافي، لأن قرار الشعب الليبي واضح وهو رحيل معمر القذافي وأولاده، والقرار الغربي يريد إطالة "الهدم والتدمير"، والقذافي يريد إبادة شعبه والسؤال: لماذا لم تستقبل السلطة‮ ‬ممثلي‮ ‬المجلس‮ ‬الوطني‮ ‬للثورة‮ ‬الليبية؟‮ ‬إن‮ ‬تأخر‮ ‬إسقاط‮ "‬باب‮ ‬العزيزية‮" ‬يعود‮ ‬إلى‭ ‬أن‮ ‬الثورة‮ ‬لم‮ ‬تنطلق‮ ‬من‮ ‬العاصمة‮ ‬طرابلس،‮ ‬وانطلقت‮ ‬من‮ ‬المدن‮ ‬والأرياف‮ ‬الليبية‮ ‬باتجاه‮ ‬العاصمة‮.‬
  • أما الانتصار فهو حتمي بعد اعتراف فرنسا بها وقطر وإيطاليا في انتظار البقية، ولا أعتقد أن الثورة في حاجة إلى أمثال أحمد أويحيى للاعتراف بها، ولا بمن يطالبون بإسقاط النظام الجزائري وهم عاجزون عن مساندة الثورة الليبية، وإنما نحن سنبقى إلى جانبها لأن الشعب الليبي‮ ‬كان‮ ‬إلى‭ ‬جانب‮ ‬ثوارنا‮.‬
  • سقوط‮ ‬القذافي‮ ‬وأولاده
  • يصف‮ ‬الإعلام‮ ‬الغربي‮ ‬معمر‮ ‬القذافي‮ ‬بالمجنون،‮ ‬وينفي‮ ‬الإعلام‮ ‬العربي‮ ‬صفة‮ ‬الجنون‮ ‬عنه،‮ ‬ولكن‮ ‬لا‮ ‬أحد‮ ‬تساءل‮:‬
  • من هو المجنون والعاقل في الوقت نفسه غير الحكام العرب؟ يقول الفيلسوف الهندي شنغاي "أقبل بجميع الرياح أن تمر ببيتي ولا أقبل بإحداها أن تقتلعني من جذوري" فهل الثورات العربية جاءت لتقتلعنا من جذورنا حتى نخاف منها ونقف ضدها؟
  • تقول الحكمة "النعمانية" بأنه "لا يوجد رئيس دولة مجنون لأن الديمقراطية تقصيه والديكتاتورية تشفيه" وما دام معمر القذافي لا يعتبر نفسه رئيسا فإن الإعلام الغربي قد يكون صادقا في وصفه له بالمجنون. المرحوم فرحات عباس كان مجنونا لأنه بحث عن الجزائر في المقابر ولم‮ ‬يجدها‮. ‬وحين‮ ‬أرجعت‮ ‬الثورة‮ ‬له‮ ‬عقله‮ ‬وجدها‮ ‬فصار‮ ‬رئيس‮ ‬أول‮ ‬حكومة‮ ‬مؤقتة‮. ‬
  • وفرنسا كانت مجنونة لأنها اعتقدت أن الجزائر قطعة منها، وعاشت 130 سنة لتجد عقلها في الثورة فترفض التفاوض مع السيد فرحات عباس، لأنه كان مجنونا بفرنسا، وهي تريد التفاوض مع الثوار الذين كانت تسميهم صحافتها في الجزائر بـ (المتمردين) مثلما يسمى إعلامنا الرسمي ثوار‮ ‬ليبيا‮ ‬اليوم‮.‬
  • إذا كان هتلر قد أباد اليهود كما تدعي الأسطورة الصهيونية وشارون وباراك أبادا الشعب الفلسطيني، فإن كتائب معمر القذافي تريد إبادة الشعب الليبي تحت شعار "محاربة الصليبية" أوليس من الحكمة النعمانية أن نقول "القذافي وشارون وباراك حوّلوا هتلر إلى ملاك" وإذا كان هناك من يعتقد أن القذافي سينتصر على الثوار أو الثورة فهو واهم، لأن السلاح لا يستطيع أن يبقي على صاحبه رئيسا مدى الدهر فـ "روح الكفاح قبل نوع السلاح" وسلاح الشعب هو الإيمان بثورته والتمسك بثواره.
  • صحيح أن "النفط العربي هو العجل الذهبي " لقوات حلف الناتو، والمقولة تقول "إن كنت بن نعمان فأنا ضد الطغيان" وأن "بعض المآسي هي في توريث الكراسي" أو بتعبير آخر "إن توريث الكراسي يحدث المآسي" ولهذا فإن القذافي، كما قدم نفسه في تلفزته، هو بمثابة "خائن الله في خلقه،‮ ‬فلا‮ ‬يؤتمن‮ ‬على‭ ‬شعبه‮".
  • لا أدرى ما الذي يدفعني إلى الاستشهاد بالمقولات "النعمانية" سوى أنها عبرت بصدق عن أوضاعنا العربية باعتبار أنها تكثف المواقف والآراء، ولأن "لكل مهنة شهادة إلا الرئاسة فهي وراثة أو قلادة" فإن "في بلاد الغرب شعوبا لها جيوش وعندنا جيوش لها عروش". وما دامت الحكومة ونخبتها الكاذبة أو أحزابها وجمعياتها الذيلية لا تستطيع أن تقف إلى جانب الثورة في ليبيا، فذلك لأن هناك مقولة تجسدها وهي "بعد أن كانت الجزائر جبهة لثورة الأحرار أصبحت ثورة لجبهة التجار" وهذا هو الحبل السري الذي
    يربط بين النظام الجزائري والنظام الليبي.

    الشروق الجزائرية

No comments: