Total Pageviews

Friday 25 December 2009

انتخابات الإخوان.. انقلاب أم صفقة؟

انتخابات الإخوان.. انقلاب أم صفقة؟
الخميس 07 محرم 1431 الموافق 24 ديسمبر 2009
حملت الانتخاباتُ الأخيرة لمكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين العديد من الأحداث المهمة التي سيكون لها ما بعدها، ويمكن التوقف عند العديد من النقاط في هذه الانتخابات:
- يُدار التنظيم عن طريق لائحة داخلية تحدد الإجراءات الواجب اتباعها حفاظًا على التنظيم وتماسكه، لكن هذه اللائحة لم تعدْ صالحةً في شكلها الحالي وبها العديد من نقاط القصور التي تحدث عنها بالتفصيل المحامي الإخواني الكبير مختار نوح الذي جمد علاقته بالتنظيم.
-موعد انتخابات مكتب الإرشاد لم يحنْ بعد وما زال يتبقى للمكتب الحالي ستة أشهر كاملة، كان النائب الأول للمرشد د. محمد حبيب يسعى لتطوير اللائحة لكي تجري الانتخابات طبقًا لها، ولكن أمين عام التنظيم د. محمود عزت فاجأَهُ بالتعجيل حتى لا يتمكن من تطوير اللائحة والإشراف على الانتخابات بوصفه نائب المرشد.
- باعتراف د. محمد حبيب فإن ورقة الانتخابات لم ترسلْ له إلا يوم الانتخابات بينما أرسلت إلى غيره قبل الانتخابات بعدة أيام، وأنه لم يعرفْ بموعد الانتخابات "المستعجل" إلا من خلال حديث د. محمود عزت لقناة "الجزيرة"، ونفس السيناريو بل أسوأ منه تكرَّر مع د. عبد المنعم أبو الفتوح الذي تعرَّض لتجاهل متعمّد، حيث لم تعرض عليه بطاقة الانتخابات بالتمرير أو بغيرها من الوسائل ولم يعلمْ بأن هناك انتخابات إلا من وسائل الإعلام.
- الدعوة لانتخابات مكتب الإرشاد جاءت من د. محمود عزت وهو ليس مخوَّلًا له -بحسب اللوائح الداخلية- مهمّة دعوة مجلس شورى الجماعة لانتخابات مكتب الإرشاد.. اعتبره المراقبون تخطيطًا مسبقًا يشبه الانقلاب بغرض إبعاد شخصيات معينة.
الانغلاق على الذات
- ما سبق جعل المراقبين يؤكدون أن التيار المحافظ الذي يحبِّذ الانغلاق على الذات وعدم الاهتمام بالعمل السياسي والانخراط في المجتمع قد انقلب على الأصوات ذات الرؤية الإصلاحية من أمثال د. محمد حبيب ود. عبد المنعم أبو الفتوح.
- ما أكده المفكر الإسلامي الكبير المستشار طارق البشري الذي علَّق على إجراءات انتخابات مكتب الإرشاد قائلًا: "من الناحية القانونية، القرار الذي يصدر عن جماعة أو مجلس بالتمرير بين أعضائه وبغير اجتماعهم لا يعتبر صحيحًا إلا إذا كانوا مجتمعين، فإذا شذَّ واحد منهم وجب إبطال القرار بغضّ النظر عن النتائج"، وما قاله المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق من أن "التمرير له شروط وأول شروطه الإجماع ولو اعترض عليه أحد الأعضاء تصبح القرارات التي اتخذت باطلة"، هاتان الشهادتان المهمتان والصادرتان من شخصيتين قانونيتين كبيرتين لهما علاقات وطيدة بالإخوان تجعل من اعتراضات د. محمد حبيب ود. عبد المنعم أبو الفتوح على الانتخابات وأنها باطلة، لها ما يبرِّرُها.
- إسقاط حبيب وأبو الفتوح وقبله رفض اختيار المرشد مهدي عاكف للدكتور عصام العريان ليكون وجهًا جديدًا في مكتب الإرشاد، والذي أدى لحدوث أزمةٍ كبيرة بين المرشد وأعضاء المكتب، كل ذلك جعل من الواضح أن قيادة الجماعة تنحاز إلى العزلة والاهتمام بالمعايير التنظيمية والجمود السياسي والثقافي على حساب الانفتاح على المجتمع والعمل السياسي.
- استغرب كثير من المراقبين نجاح د. عصام العريان بعد أن تم رفضه مؤخرًا رغم أنه شخصية إصلاحية مرموقة، وردّ عليهم بعض المراقبين بأن سماح المحافظين بإنجاحه ودخوله مكتب الإرشاد يرجع إلى النهج الهادئ الذي أبداه في التعامل مع الأزمة الأخيرة التي كان طرفًا فيها، حيث رفض التصعيد واعتمد خطابًا هادئًا ومتسامحًا.
غضب شباب الإخوان
- ما حدث جعل الكثير من القيادات الوسطى ومن الشباب داخل الجماعة يعترضون علانية ويرفضون نتائج الانتخابات احتجاجًا على الطريقة التي أُجريت بها، حيث يطعنون في شرعيتها، ويؤكدون مخالفتها للوائح الجماعة، بل وهدَّدوا بالاعتصام داخل مقرّ إدارة الجماعة، ولأول مرة يبدأ عدد من شباب الجماعة في إصدار بيانات وملصقات يعلنون فيها رفضهم لنتائج الانتخابات وعدم اعترافهم بها، ويشنّ بعضهم هجومًا على قيادات الجماعة من المحافظين، حيث يتهمونهم بالتآمر لإقصاء الإصلاحيين عبر الالتفاف حول لوائح الجماعة التي تَمَّ تزوير عدد من بنودها لخدمة أهدافهم، على حدِّ قولهم.
- من النقاط المهمة التي تم رصدها أن تعلن الجماعة رسميًّا إجراء انتخابات مكتب الإرشاد علنيًّا ومن خلال "قناة الجزيرة"، من خلال حديث أجرته القناة مع د. محمود عزت الأمين العام للجماعة، وهو الأمر الذي أثار دهشة المراقبين الذين يعرفون مدى حساسية ذلك في علاقة الجماعة بأجهزة الأمن التي عادةً ما يكون ردُّها عنيفًا في استهداف واعتقال قادة الجماعة الذين يشاركون في الانتخابات، لكن الأكثر غرابةً أن الدولة وأجهزة الأمن وقفت صامتة على غير العادة.
- أدركت قيادات في الجماعة خطورة مآلات الأحداث، وهو ما جعل المرشد مهدي عاكف، في محاولة لتصحيح صورة الجماعة، يصرح بأن ما حدث من إقصاء د.عبد المنعم أبو الفتوح من المكتب الجديد، أن أبو الفتوح هو الذي طلب عدم الترشح وعدم الرغبة في الاستمرار بمكتب الإرشاد، وهذا التصريح يناقض الواقع ويناقض تصريحات أبو الفتوح نفسها، مما يعبر عن حجم الأزمة الحالية وخطورتها.
صفقة مع الحكومة
- يتوقع المراقبون أن تؤدي سيطرة الجناح المحافظ على الجماعة إلى إضعاف التيار السياسي داخل الجماعة، وأن يؤثر بالسلب على الدور الذي يمكن أن يلعبه الإخوان خلال المرحلة المقبلة.
- الإعلان العلني عن انتخابات مكتب الإرشاد ومتابعة وسائل الإعلام لتفاصيلها ووقوف أجهزة الدولة دون تدخُّل كعادتها دائمًا، جعل كثيرًا من المراقبين يرَوْن أن يكون في ما حدث صفقة مع الدولة وأجهزة الأمن، ستكون من نتائجه المستقبلية ابتعاد الإخوان عن فكرة التحرك في الشارع، وأن تصبح مواقف التيار المحافظ الذي أحكم سيطرته على الجماعة مرتبطة بأولية بقاء الجماعة ككيان أكثر من تطوير دورها في المجتمع، ولذلك فإن هؤلاء المراقبين يعتقدون أن الجماعة ستميل، في ظل قيادتها الحالية، إلى التهدئة مع النظام في المرحلة المقبلة التي هي شديدة الحساسية.
- أثبتت الأحداث أنه، رغم امتلاك الجماعة لفكر سياسي، إلا أن عدم وجود قيادة دينية كبيرة تجمع الجميع وتقنع الجميع وتمثل مرجعية شرعية، قد أدى إلى مثل هذه الأزمات التي تهدِّد الجماعة، فكبار السنِّ دائمًا يميلون إلى التقوقع والانكماش والخوف على التنظيم، والشباب يتمنون مزيدًا من الانفتاح والمشاركة والتفاعل مع المجتمع والعالم.
- كان من اللافت أن قادة الجماعة وإعلامييها، رغم أنهم ينتقدون كل كبيرة وصغيرة في الدولة والنظام السياسي والأحزاب، إلا أنهم كانوا خلال الانتخابات الماضية وما صاحبها، شديدي الحساسية من أي انتقاد يوجِّهُه إليهم أيّ أحد، وهذا تناقض عجيب، فالجماعة تطرح نفسها بديلًا عن الحكومة والنظام السياسي الحالي ومعه الأحزاب الحالية، ومن حق المجتمع أن يتعرف على الجماعة بهذا الحجم ولائحتها وتراثها؛ لأن ما تطبقه داخلها ستطبقه على المجتمع لو وصلت إلى الحكم.
خسارة.. وانشقاق
- خسرت الجماعة إعلاميًّا الكثير والكثير بعد انتخابات مكتب الإرشاد، فإذا كانت الجماعة من قبل تنتقد كل شيء في المجتمع وتتحدث عن نفسها ككيان مثالي، فإن جملة التربيطات والمخالفات والتخلص من تيار بكامله داخل الجماعة، جعل المجتمع المصري يرى سيناريو متكررًا لما يحدث في الحزب الوطني وغيره من الأحزاب العلمانية.
- أصبح من المتوقع أن تزداد مساحةُ الانشقاقات في الجماعة، في المستوى العالي والمتوسط وفي مستوى قاعدة التنظيم، فالأداء السياسي الذي رآه الناس ليس فيه ما يجذب، والثقافة السياسية منغلقة ولا تساير ما في المجتمع والعالم من حيوية وتغير، والجماعة معروفة بارتفاع نسبة المستويات التعليمية فيها، وهذه المستويات لا بدَّ أن تقتنع، ولو لم يحدث الاقتناع فالخطورة كبيرة.
- أنهت انتخابات مكتب الإرشاد الأفكار التي حاولت الجماعة إشاعتها ونشرها بين الناس، وهي أن الإخوان لا يتشابهون مع أحد وأنهم مجموعة من الأخيار الذين لا يتنافسون على دنيا أو مغانم، وأنهم جماعةٌ تعاني من المؤامرات المحلية والإقليمية والدولية، وأثبتت الانتخابات أن قيادة الجماعة عادة ما تكون هي السبب في أكبر الأزمات التي تواجهُها الجماعة، وأن أعضاء الجماعة أناس عاديون يخطئون كما يخطئ الناس ويصيبون كما يصيب الناس، فإن تخرج قيادات إخوانية من الوزن الثقيل تتحدث عن اتهامات لقيادات الجماعة بتزوير الانتخابات وضرورة إعادتها وعدم الاعتراف بها والغمز واللمز في حق هذه القيادات، كل ذلك يفتح الباب واسعًا لجدل كبير داخل الجماعة وخارجها، إما ينتهي إلى التطوير والتغيير إلى الأفضل، وإما إلى المزيد من العزلة والتقوقع.
http://islamtoday.net/albasheer/artshow-13-124802.htm

No comments: