Total Pageviews

Thursday 25 October 2007

فضيحة أخرى في قطاع التربية



مرة أخرى، تستيقظ الأسرة التربوية على وقع فضيحة لا تقل خطورة عن مثيلاتها السابقة، وتتعلق هذه المرة بورود عبارتين، الأولى تمجد التواجد الفرنسي في الجزائر في كتاب التاريخ للسنة الخامسة ابتدائي، والثانية تسيء إلى المجاهدين في كتاب التاريخ للسنة الرابعة متوسط. بعد مرور أسبوع فقط عن فضيحة حذف المقطع الثالث من النشيد الوطني، لاحظ معلمو الابتدائي بأن كتاب السنة الخامسة، يمجد الاحتلال والتواجد الفرنسي بالجزائر، وبالتحديد في الصفحة 17، وقد خلف اكتشاف الأمر حيرة وسخطا كبيرين لدى الأولياء والمعلمين، لا سيما وأن فقرة الاستنتاج، أو ما كان يعرف في السابق ''بخلاصة الموضوع'' ورد فيها العبارة التالية: ''استفادت فرنسا في بداية القرن التاسع عشر من الثورة الصناعية في تطوير أسلحتها، وشكلت بذلك قوة عسكرية مكّنتها من تحرير الجزائر''.ويقول المتذمرون من محتوى الكتاب بأن ورود عبارة ''تحرير الجزائر'' لا تفسير لها سوى تزييف للتاريخ، ومحاولة ترسيخ فكرة في أذهان التلاميذ بأن مجيء فرنسا إلى الجزائر في القرن 19 كان الهدف منه تحرير الجزائر من قيود التواجد التركي، وليس الاحتلال. وتضيف المصادر ذاتها بأن محتوى الكتاب وما يتضمنه من طمس للهوية قد تم استخراجه من رواية كتب التاريخ التي تدرس حاليا للتلاميذ في المدارس الفرنسية، ومضمونه أن التواجد الفرنسي بالجزائر هو تحرّري وليس استعماري.وتضيف المصادر ذاتها أنه من غير المعقول أن توظف مرحلة الاستنتاج أو الخلاصة وهي وضعية بيداغوجية حديثة أصبحت توظف في المدارس، التي تعتمد على طرح إشكالية للتلميذ وتركه يقوم باستنتاجات، أو ما يسمى ''المقاربة بالكفاءات''، لجعل التلميذ يقع في الخطأ دون إدراكه، والهدف من كل هذا -حسب الأولياء والمعلمين الذين تحدثنا معهم- هو محاولة توظيف فكرة انقلاب موازين القوة والتحالف الأوروبي ضد المقاومة الشعبية وحادثة المروحة وتحطيم الأسطول البحري الجزائري في معركة ''نافارين'' سنة 1827 حينما هاجمته أساطيل أوروبية لتبرير التواجد الفرنسي بالجزائر على أنه تحرير من القيد التركي، وفرصة لقيام حضارة غربية، واستشهادهم بما خلفوه من بنايات وإنجازات. من جهته، أكد مزيان مريان رئيس النقابة الوطنية لأساتذة الثانوي والتقني أن ورود هذه الجملة يعد تعديا صارخا على تاريخ الجزائر، إذا علمنا -يضيف المتحدث- بأن العبارة تلك وردت في الاستنتاج الذي يفهم منه التلميذ أن فرنسا حررت الجزائر ويترسخ في ذهنه تاريخا مزيفا عن حقيقة الاستعمار الفرنسي، وقال مريان ''دعونا عدة مرات وزارة التربية إلى ضرورة إنشاء لجنة للقراءة تهتم بمراقبة الكتب المدرسية بهدف حماية هوية وتاريخ الجزائر''.ويؤكد أساتذة ومؤرخون أنه ''مهما كان السبب فإن الخطأ لا يغتفر وهو كارثة''، مطالبين بسحب الكتاب من التدريس في أقرب الآجال. وقال هؤلاء إن التاريخ يشهد على فرنسا بأنها قامت باحتلال الجزائر والتحضير له منذ بدايات القرن التاسع عشر، من خلال المخطط والمعلومات السرية التي كان يجمعها الجاسوس الفرنسي بوتان عن الجزائر خلال سنوات التواجد التركي بالجزائر، وهو ما يعني ما يعلمه العام والخاص بأن فرنسا احتلت الجزائر وليس تحريرها.فقرة تسيء للمجاهدين والثوار خلال فترة المنظمة السرية الخاصةلم تتوقف الأخطاء الفظيعة في تاريخ الجزائر عند هذا الحد، بل شملت أيضا كتاب التاريخ للسنة الرابعة متوسط، حيث وردت فقرة مسيئة للمجاهدين والثوار بالصفحة 59 في موضوع حول النشاط الثوري والسياسي خلال الفترة الممتدة بين 1870 و1953، وبالتحديد في الموضوع المتعلق بتقديم تعريف لنشأة المنظمة الخاصة ''أوس'' التي أسندت مهمة تنظيمها لأحد أكبر مناضلي وشهداء الثورة محمد بلوزداد. فقد وردت عبارة ''أن نهاية الحرب العالمية الثانية كشفت عن الوجه الوحشي الذي ظهرت به فرنسا في الثامن ماي 1945، مما زاد المتطرفين الثوريين من مناضلي حزب الشعب تطرفا، وتوسعت الهوة بينهم وبين من لا زال يطمح في التعايش في أمن وسلام مع فرنسا''، وهذا ما يعد حسب الأساتذة استهزاء وضرب للمقدسات الثورية في صميمها، حيث إن إطلاق عبارة ''المتطرفين الثوريين'' على مناضلي الثورة وشهدائها، يعد جريمة، كون المصطلح كانت تستعمله فرنسا حسب المؤرخين لوصف الثوريين الجزائريين.يذكر أن رئيس الجمهورية استنكر ما جاء في قانون 23 فيفري 2005 الذي يكرس''الدور الإيجابي للتواجد الفرنسي بشمال إفريقيا''، ودعا بوتفليقة عقب صدور القانون إلى تلقين الأجيال الناشئة التي لا تعرف عن الجزائر إلا الإرهاب، بطولات جيش التحرير الذي هو'' ليس من أساطير الأولين''، وفي نفس السياق، وصف بوتفليقة الاستعمار الفرنسي بقوات الاحتلال، والتي جاءت ''بالآلة الجهنمية كلها وحتى الخاصة بالحلف الأطلسي آنذاك، وأطلقت العنان لخيال طغاتها ليعيثوا فسادا في الأرض، ويحولوا الوطن إلى منطقة محرمة تستباح فيها الأرواح بلا رقيب ولا حسيب''. وطالب الأولياء والمعلمون بتدخل وزارة التربية ومختلف الهيئات الرسمية لتصحيح الخطأ الذي ورد في كتاب التاريخ للسنة الخامسة الذي هو مناف لخطاب الرئيس والأسرة الثورية بحماية أبناء الجزائر من مظاهر طمس معالم الهوية الوطنية.

الخبر الجزائرية
:ب.مصطفى/ ن.شحتي2007-10-25

No comments: